Search form

Newsletters

تقرير حول أشغال الأسبوع الأول من الدورة الخاصة " للحوارات أطلسية 2020"

Press Release | November 07, 2020

ينظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد دورة خاصة إلكترونية لمؤتمره السنوي " الحوارات الأطلسية". حيث انطلقت فعاليات هذه الدورة يوم الثلاثاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بمناقشة مفتوحة حول "مراجعة أزمة كوفيد 19 من منظور الشمال والجنوب" بحضور الوزيرة الأولى السنغالية السابقة، السيدة أميناتا توري، ووزير الخارجية الفرنسي السابق، هوبرت فيدرين.

أشار رئيس مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، السيد كريم العيناوي، خلال ملاحظاته الافتتاحية إلى المقاربة المعتمدة في تنظيم مؤتمر الحوارات الأطلسية الرفيع المستوى منذ سنة 2012، أي "البحث عن التقاطعات في تصورات العالم والاشتغال على القيم المشتركة، لما فيه خير المجتمعات على امتداد الأطلسي".

وقد تطرقت هذه المناقشة الأولى، التي أشرف على إدارتها السيد مفيمبا ديزوليلي، أستاذ الدراسات الأفريقية في جامعة جون هوبكينس، لمسألة إعادة تعريف العلاقات بين الشمال والجنوب بسبب الجائحة.

هل انتهت حقبة هيمنة النموذج الغربي؟

ينبغي التعامل مع هذا السؤال بنسبية حسب الوزيرة الأولى السنغالية السابقة، السيدة أميناتا توري. حيث طرأت تغييرات هامة في علاقات السيطرة الاستعمارية وما بعد الاستعمارية القديمة. ومنح بروز الصين مزيدا من الإمكانيات للبلدان الأفريقية، خصوصا فيما يخص النفاذ إلى الأسواق المالية، مما أدى إلى إعادة النظر في العلاقات بين بلدان الشمال والجنوب.  "كما هو واضح، نسير نحو إعادة التوازن لهذه العلاقات، ويجب تعزيز هذا الأمر، كما يجب علينا تجاوز الصور النمطية والصعوبات الحقيقية، الاستعمارية وما بعد الاستعمارية، للسير قدما نحو مفاهيم جديدة وشراكة رابح-رابح".

 

وساقت الوزيرة الأولى السنغالية السابقة مثالا واضحا عن التصورات المبنية على الأفكار النمطية والتي ينبغي تغييرها بالقول: "أعلنوا أن الوفيات ستكون بالملايين في أفريقيا، لكنها أقل القارات تضررا بجائحة كوفيد 19. وقد وضعت بلدانها سياسات ناجحة في هذا الباب". وأضافت أن الأهم بالنسبة لأفريقيا هو الانخراط "في دينامية جماعية، مثل منطقة التجارة الحرة القارية، من أجل تقوية المبادلات البينية الأفريقية والانتقال بها من 20 في المائة فقط إلى 60 في المائة من مجموع المبادلات، كما هو الشأن في بقية بقاع العالم".

 

من جهته، أقر هوبرت فيدرين أن مفاهيم "الغرب" و"الشمال" و"الجنوب" أضحت "متجاوزة" في الوضعية الراهنة. حيث سبقت نهاية هيمنة القوة الغربية في رأيه أزمة كوفيد 19 التي مازالت مستمرة. "ينبغي على الإنسانية استخلاص دروس الجائحة، علما أن هناك مفاجآت جيدة على غرار أفريقيا وأخرى سيئة على غرار أوروبا. ولن تستطيع الإنسانية تغيير مجرى الأحداث إلا في إطار العلاقات المتعددة الأطراف، التي لا تعتبر دينا بل منهجية، أو بشكل أدق في إطار التعاون الدولي

ما تأثير المنافسة الصينية-الأمريكية وبروز الصين على الفوارق بين البلدان المتطورة والبلدان النامية؟

حسب هوبرت فيدرين، سيطبع التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين العقود القادمة. حيث ذكر: "هناك دول ستكون قادرة على التصرف وإدارة هذه العداوة مع الحفاظ على علاقات جيدة مع القوتين، في حين توجد بلدان قريبة من السقوط في حضن الاستعمار الصيني. هذا وتوجد أوروبا في وضعية صعبة، لأن الشركات الكبرى لا تستطيع التخلي عن التكنولوجيا الأمريكية ولا على الأسواق الصينية".

هذا واعتمدت السيدة أميناتا توري على مقاربة أكثر براغماتية عند جوابها على هذا السؤال، حيث صرحت: "تشهد بعض البلدان انتعاشا، بينما تعاني أخرى من الركود، لكن السؤال الأهم هو سؤال السيادة. حيث يعلم الأفارقة أن عليهم سد العجز المسجل في البنيات التحتية والصحة والتربية. وقد استطاعت الصين، بفضل معدلات فائدة تنافسية، أن تدعم بعض البلدان في مشاريع تتعلق بالبنيات التحتية وكان من الصعب تمويلها عبر الآليات الكلاسيكية. من جهة أخرى، قد تكون الديون إيجابية وقد تكون خطيرة، لكن مسؤوليتها تقع على عاتق الدول، تحت مراقبة المواطنين".

أما بخصوص المنافسة بين "الولايات المتحدة الأمريكية والصين وأوروبا، أنا من أنصار إحداث نادي أصدقاء. حيث نمتلك علاقات مع العالم كله، وهي مبنية على مبادئ التعاون الدولي، ولا أرى أن البلدان ستحتشد مع أو ضد هذه الدولة أو تلك. ويبقى عدم الانحياز مفهوما ذو راهنية".

أي مستقبل لعولمة تحوم عليها الشكوك في الشمال وفي الجنوب؟

"لم تصمد العولمة" في وجه كوفيد 19 حسب السيدة أميناتا توري. وأضحى من المهم بما كان التفكير في مضمون مختلف لها. يتعلق الأمر "بالحقوق الاجتماعية ووضع المواطنين في صلب الاهتمامات، لا التفكير فقط في المجاميع الاقتصادية، للاستجابة لطلب ثروة مشتركة. هذه هي الطريقة التي ستجعل العولمة مقبولة لدى السكان الذين رأوها تفر من أيديهم".

من جهته، اعتبر هوبرت فيدرين أن "البلدان الأساسية هي التي تتخذ القرار في نهاية المطاف. لقد تم إقرار النظام النقدي العالمي سنة 1971 في بيرتون وودس. وإذا تطرقنا للمعركة بين قوى العولمة، نجد أنفسنا من جديد أمام ثنائية الصين والولايات المتحدة الأمريكية. وستكون العديد من المناطق ساحة حرب لاسترجاع السيطرة على العولمة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وستكون النتائج رهينة بموازين القوى، سواء فاز جو بايدن أو دونالد ترامب".

في الختام، ركز كل من هوبرت فيدرين وأميناتا توري على البيئة والمخاطر الناجمة عن التغير المناخي. "إنه التهديد الأول"، حسب هوبرت فيدرين والذي أضاف "سيؤدي إلى تعديلات ستُظهر أن عولمة السنوات الخمسة والثلاثين الأخيرة كانت حماقة". بينما تعتقد أميناتا توري أنه ينبغي البحث عن "وسائل إدارة محيطاتنا كلها، في إطار اقتصاد أزرق يستلزم شكل حوكمة جماعية مع المشاركة الطوعية لكل واحد من الأطراف".

 

"جغرافية الإحباط في الجنوب الشامل"

تواصلت فعاليات  المؤتمر السنوي " الحوارات الأطلسية" المنعقدة هذا العام يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني بجلسة حول أحاسيس الإحباط في الجنوب الشامل. هذا وأشرفت الصحفية والمستشار الكينية، أودواك أميمو، على إدارة أطوار هذه الجلسة، وتم التطرق فيها لثلاث أبعاد كبرى لشكاوى الجنوب: "الاقتصادات العاجزة ومستوى المعيشة،

والقمع السياسي والرغبة في الحكم الذاتي وانعدام الأمن وأوجه انعدام المساواة المتزايدة".

تطرق عالم الاجتماع البرازيلي ومدير مركز إيدلستين للأبحاث الاجتماعية بريو دي جانيرو، السيد بيرناردو سورج، لمفهوم الديموقراطية، على اعتباره "مثالا أعلى لم يتحقق أبدا، لكننا نصبو إليه"، وكذا إلى "ثقافة المساواة بخصوص الحقوق السياسية وظروف العيش، والواقع المتغير، الذي لا معنى له دون أمل في مستقبل أفضل. غير أن الديمقراطية شديدة الارتباط بالنظام الرأسمالي، حيث ترسخت فيه، بينما تم إحباط الانتظارات، بما في ذلك تلك ذات الصلة بالنظام الديمقراطي نفسه. (...) على الصعيد السياسي، يربط أنصار الديماغوجية السلطويون الماضي بالحاضر، مع ما لذلك من علاقة مع أفكار كراهية الأجانب والأفكار العنصرية".

 

 

وعلقت عضو المجلس الأرجنتيني للشؤون الدولي، السيدة دانييلا فاريلا، على حالة انعدام المساواة في أمريكا اللاتينية، التي تفاقمت بسبب أزمة كوفيد، والتي تضرب بقوة الأشخاص العاملين في القطاع غير المهيكل، دون حماية اجتماعية. "قد يتضح أن التدابير الاستثنائية المتخذة في سياق كوفيد 19 خطيرة من منظور الحريات العامة إذا استمر هذا الوضع أو أصبح دائما. ولا يقتصر الإحباط على الأفراد، بل يتعلق الأمر بإحباط اجتماعي، مما يحيلنا على أهمية آليات المساءلة، التي ينبغي ترسيخها في القوانين، علاوة على تعبئة المجتمع المدني والحوار".

مشكل حوكمة سرمدي في أفريقيا

ثمة انتظارات محبطة في أفريقيا كذلك...وقد تطرقت رئيسية المنظمة غير الحكومية Women in Africa، حفصت أبيولا (نيجيريا)، لهذا الموضوع، وقالت: "تعد نيجيريا من البلدان ذات الاقتصادات الصاعدة، لكن في الواقع لا يزال السكان ينتظرون تحسن الأوضاع. شتان من جهة أخرى بين الصراع اليومي من أجل لقمة العيش وبين من يجد نفسه مسلوبا من الأموال القليلة التي تمكن من ربحها على يد ضابط شرطة كان من المفروض أن يحميه".

 

أقر نكوسانا دونالد مويو (زيمبابوي)، وهو للإشارة مؤسس ورئيس معهد مانديلا للدراسات الإنمائية ووزير سابق للصناعة والتجارة الخارجية (2000-2001)، أن "المواطنين تائهون في أفريقيا وفي الجنوب الشامل، لأنهم مازالوا يقدسون المسيرين على اعتبارهم أصحاب السلطة، دون أن يشعروا أنهم بأنفسهم أصحاب هذه السلطة الفعليين. (...) نعيش في وضعية مماثلة لوضعية ضيعة حيوانات جورج أورويل. حيث ينخرط الناس في اللعبة للمشاركة في سلوكات مضرة بسبب الرعاية".

 

استحضر نكوسانا دونالد مويو نظريات منتشرة في أوساط الباحثين في أفريقيا، وأدان تبني السلوكات الاستعمارية من طرف النخب الأفريقية، حيث يقوم بإعادة إنتاجها بطريقة "أسوء من طريقة الرجل الأبيض. حيث يتجهون إلى الخارج للحصول على العلاج أو تدريس أبنائهم، ويخلدون على النحو فكرة أن كل ما يأتي من الخارج جيد وأن ما يأتي من الداخل سيء".

وواصل نكوسانا دونالد مويو كلامه متسائلا: "هل كان الاستعمار شاملا؟ كلا! هذا ولا شك أن بول كاغامي في رواندا مدان بسبب مقاربته لقضايا حقوق الإنسان، إلا أنه الوحيد الذي اختار استلهام نموذج مختلف، نموذج سنغافورة، محاولا على هذا النحو القيام بما هو أفضل بالنسبة للمجتمع. بالطريقة ذاتها، حاول وزير إثيوبيا الأول السابق، السيد ميليس زيناوي، تثمين المجتمع وزيادة قيمته".