"البزوغ الآسيوي: الدروس والعبر المستخلصة"
تواصلت فعاليات الحوارات الأطلسية المنعقدة في إطار دورة هذا العام الافتراضية 12 نونبر 2020 بجلسة حول الدروس والعبر المستخلصة من البزوغ الآسيوي. هذا وأشرف الباحث البارز في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، السيد ماركوس فريتاس، على إدارة أطوار هذه الجلسة، وتم خلالها تدارس الأسئلة الثلاثة التالية: كيف تستطيع البلدان الغربية استلهام التجربة الآسيوية للحفاظ على تنافسيتها؟ وما هي المجالات التي يمكن ضمان الالتقائية فيها؟ وكيف كافحت بلدان آسيا الفساد وأفلحت في تطوير التعليم؟
سلطت مؤسسة ورئيسة المجلس الهندي للعلاقات الشاملة "جيتواي هاوس"، السيدة نيلام ديو (الهند)، الضوء على جائحة كوفيد 19 في الهند. "لم يكن الوقع لحسن الحظ كبيرا فيما يتعلق بالأعراض. لقد تم الإعلان عن تسجيل أكثر من 8 ملايين إصابة، وحامت شكوك حول دقة الإحصائيات، رغم ذلك، لو كانت الوفيات مهولة، لعلمنا ذلك، لأن نظام البلاد مفتوح وديموقراطي...في الصين، لا نعرف عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالوباء ولا عدد الوفيات، لكننا نعرف كيف تمت السيطرة على انتشار الفيروس، أي عبر عزل ووهان".
أوضح رئيس نيوبريدرج أدفيزوري، والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني إم آي 6، السيد جون ساورس، وجود تباين في أداء بعض البلدان في تدبير أزمة كوفيد 19. "لم تحسن بعض البلدان الديموقراطية، على غرار البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وفرنسا، إدارة هذه الوضعية، على عكس بلدان أخرى كألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا. وأفلحت بلدان مستبدة في إدارة هذه الأزمة بنجاح مثل الصين. علما أن الأمر مختلف في روسيا وإيران. حيث تمكنت الصين من السيطرة على الفيروس عبر إجراءات تقييد للحريات الفردية لا يمكن تطبيقها في المجتمعات المفتوحة. بينما لجأت بلدان ككوريا الجنوبية وألمانيا إلى أنظمة متطورة للتشخيص والتتبع، مع وجود أنظمة صحية قوية. في حين ركزت الجهود في الولايات المتحدة الأمريكية على معالجة المرض، دون اعتماد سياسة شاملة للصحة العمومية (...)".
وعلق أمين عام الجامعة العربية السابق ووزير خارجية مصر السابق، السيد عمرو موسى، على هذه الوضعية بالقول: "تجربتنا في مصر مبنية على عدم إنكار الوباء، لقد قالت الحكومة الحقيقة، وقامت بفتح مراكز للمساعدة وطلبت من الأطباء والأطقم الصحية توعية السكان والقيام بسرعة بأكبر عدد ممكن من عمليات التشخيص". كما أشار الدبلوماسي: "لقد ظهر فشل النظام المتعدد الأطراف على مستوى الوكالات المتخصصة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، لأنها لم تكن مستعدة لإدارة جائحة بهذا الحجم، وعلى مستوى مجلس الأمن كذلك، لأنه لم يتجاوب مع نداء الأمين العام السيد أنطونيو غوتييريش الداعي إلى اعتبار تحديات التغير المناخي والأوبئة تهديدا على السلام العالمي. ويستلزم ذلك، حسبه، تجديد النظام على المستوى الإقليمي، مثلا عبر إحداث منظمات صحة أفريقية وآسيوية وأمريكولاتينية ، إضافة إلى منظمة الصحة العالمية".
بزوغ الصين وعلاقته بالولايات المتحدة الأمريكية
حسب جون ساورس، تسير في الصين "في منحى لا يدعو للتفاؤل، حيث تقوم بإخراس المعارضة الداخلية، على غرار ما يحدث مع الجاليات المسلمة والأويغور غرب الصين. كما تراجعت عن الالتزامات التي تم التعهد بها بخصوص هونغ كونغ سنة 1997 والتي يسري مفعولها لمدة 15 سنة (بلد واحد ونظامان). نسير نحو عالم بقوتين عظمتين، الولايات المتحدة الأمريكية والصين، دون أن يكون القرن بالفعل آسيويا، بسبب التوازن النسبي في القوتين الاقتصادية والعسكرية للبلدين.
علاوة على ذلك، لا تتسم آسيا بالتجانس، لأنها تضم بلدان ديموقراطية وأخرى مستبدة. وقد فهمت أوروبا الاستراتيجية الصينية الرامية إلى السيطرة على التكنولوجيات الصناعية المهمة وإلى امتلاك استثمارات في الغرب. وستظهر مجالات للمواجهة، كالأمن وحقوق الإنسان، وأخرى للمنافسة كالتكنولوجيات والاستثمارات والتعاون، خصوصا بشأن التغير المناخي".
وذكر السيد عمرو موسى في السياق نفسه: "لقد حان الوقت، بالنسبة لأوروبا وروسيا والبلدان النامية، للتفكير في شكل جديد من أشكال عدم الانحياز بعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين، من أجل وقف سباق التسلح وضمان عدم وقوع مواجهة مفتوحة بين البلدين".
من جهتها، أشارت السيدة نيلام ديو إلى الطابع العسكري للرد الهندي على التطلعات التوسعية الصينية، بسبب الحوادث الحدودية الأخيرة. وأقرت: "تمتلك الصين تطلعات توسعية. حيث لا تتحدث عن ماضيها الإمبراطوري، بل عن حلمها المستقبلي. ولا ينصب النقاش الحالي في الهند على المزايا المتبادلة للعلاقة الاقتصادية، بل على التهديد الذي تشكله الصين". في الأخير، ذَكًّر مايكور سار (السنغال)، كبير المديرين لدى ديلويت، بتأثير انتخاب جون بايدن على العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، دون أن يتوقع "حدوث تغييرات جوهرية في هذه العلاقات".