الأوبئة: إنقاذ الأرواح البشرية أم الاقتصاد؟
تواصلت يوم 8 دجنبر الدورة الخاصة للحوارات الأطلسية عبر "محادثات "ADعن بعد والتي يدور موضوعها حول "الأوبئة : إنقاد الأرواح البشرية أو الاقتصاد؟" وقد تركز النقاش، الذي أداره جون ييروود John Yearwood (الولايات المتحدة الأمريكية)، نائب رئيس تحرير مجلة بوليتيكوPolitico، على الدروس التي يمكن تعلمها من أزمة كوفيد-19 وسبل تحسين التعاون الدولي بهذا الخصوص.
أشار باولو بورتاس Paulo Portas، وزير خارجية البرتغال السابق، إلى أن الوباء "عالمي، لكنه غير متماثل: فنقطة البداية للمرض، والاستجابات السياسية، المبكرة أو المتأخرة، ونوع الاحتواء، كلياً أو جزئياً، كانت لها عواقب مختلفة للغاية حسب القارات. كانت آسيا أول من تأثر بذلك قبل أوروبا والأمريكيتين. ومن الناحية الاقتصادية، تعمل آسيا بشكل أفضل، غير أن الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة يثبت أنه أكثر قوة مما هو عليه في أوروبا. الزمن الاقتصادي لا يوازي زمن النظم الصحية".
أبان الوزير السابق أن هناك خلافات كبيرة بين الدول "المتمركزة حول نفسها التي لم تتوقع الوباء، والدول التي كانت لديها استجابة مبكرة مثل تايوان، التي فرضت الاختبارات في 31 ديسمبر 2019 في مطار طايبي Taipeh بناءً على شائعات واردة من الصين. هناك فرق كبير بين الحكومات التي تحترم العلم والحكومات التي لا تتحلى بالصبر والتي لا تستمع إلى العلماء.
أجرت أنجيلا ميركل Angela Merkel في ألمانيا أفضل حوار مع العلماء. كان للحكومات ذات العقلانية نتائج أفضل. ومن بين الدول العشر التي سجلت أعلى عدد من القتلى، ثمانية يقودها شعبويون من اليمين واليسار. وللإشارة فإن الشعبوية تبسيط، في حين أن الوباء معقد: لقد وجدت الولايات المتحدة والبرازيل وإسبانيا وإيطاليا أيديولوجيات أكثر أهمية من السلامة العامة لمواطنيها".
وفي الختام، قدر باولو بورتاس Paolo Portas أن الوباء يتطلب إعادة التفكير في نظام إدارة الأزمات الدولية، مع التشكيك في النظام الفدرالي، فمع وجود "17 سياسة مختلفة في إسبانيا و50 في الولايات المتحدة في الوقت الذي تتطلب فيه مثل هذه الأزمات مركز قيادة واحد وإجماع بين الولايات الفيدرالية لقبوله. ففي إسبانيا، لا يتفق مسؤولو الجهات والحكومة حتى على كيفية إحصاء الوفيات.
وذكر مؤسس المجلس المكسيكي للعلاقات الدولية أندريس روزنتال Andrès Rozental بأن المكسيك يعد من بين البلدان الأكثر تضرراً من وباء كوفيد-19 بالرغم من أن الاحصائيات الرسمية حاولت التقليل من ذلك. وأشار إلى أن الرئيس الحالي للمكسيك، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور Andrés Manuel López، مثل دونالد ترامب Donald Trump وجواو بولسونارو Joao Bolsonaro في البرازيل، بدأ باعتماد موقف الإنكار في مواجهة الوباء، لمدة ستة أو سبعة أشهر، رافضاً ارتداء القناع. الاختلاف الوحيد بين الرؤساء الثلاثة هو أن رئيسنا لم يكن مصاباً، على الرغم من أن الكثير من الناس كانوا يرغبون في أن يكون كذلك، فقط لفهم الفيروس بشكل أفضل قليلا".
بالعودة إلى حالة الولايات المتحدة، قال أندريس روزينتال Andrés Roezntal إنه "إذا تم إخراج مسلسل نتفلكس Netflix حول الوباء، فسنكون في موقع بين الخيال العلمي وعدم التصديق التام. إنه لأمر مدهش أن نرى الناس يصطفون لساعات للحصول على القليل من الطعام، وصناع القرار غير المتحملين لمسؤولياتهم يلعبون السياسة في أوقات الوباء". وقد وصف المحادثات الحالية حول ما إذا كان يجب إجبار الناس على ارتداء الأقنعة أو التطعيم بأنها "سخيفة". "كلنا نرتدي أحزمة الأمان في السيارات، ولا نعلم أنها تنتهك حقوقنا الأساسية".
وحول الوضع في جنوب إفريقيا، رسم المتخصصة في الاستراتيجية السياسية نشيمونيا هاموكوما Nchimunya Hamukoma، لمعهد الأفارقة المستقبلين، صورة للوضع: حجر صارم للغاية منذ 27 مارس 2020، عندما كان في البلاد 1000 حالة فقط، إجبارية ارتداء القناع، سقط اليوم 818 ألف مصاب و22 ألف قتيل. وأضافت "نحن في منتصف الموجة الثانية والجميع قلقون للغاية"، " نظامنا الاقتصادي غير متكافىء لدرجة أن أزمة كوفيد جعلت الوضع أسوء. نرى أنظمتنا بوضوح كما هي. فهل نريد إدامتها؟"
وصفت جيسيكا جوتسليبن Jessika Gottsleben (الولايات المتحدة الأمريكية)، مديرة الابتكار في مجلس القادة الشباب، الوضع "الرهيب" في الولايات المتحدة، حيث وقع 8 ملايين شخص في براثن الفقر هذا العام.
في شهادة مؤثرة، قالت إنها خائفة على أسرتها، وتذكرت أنه في فلوريدا، حيث تعيش، قام الحاكم بحملة دون ارتداء قناع أو إغلاق المنتزهات الترفيهية. "فقد تعرض أحد العلماء في ولايتي للمحاسبة لمجرد قوله الحقيقة، وكذلك الصحفيون. ببساطة لا يوجد اقتصاد بدون أرواح بشرية، ونحن بحاجة إلى إعادة التفكير في طريقة معالجة الأزمات، لأننا لم نتجاوزها بعد: علما أن تغير المناخ بدوره قادم".