حديث الثلاثاء 30-06: آثار أزمة كورونا على الفرد والأسرة
في إطار برنامجه الأسبوعي "حديث الثلاثاء"، جمع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ثلة من خبراء وباحثين في علم النفس والاجتماع لمناقشة آثار أزمة كورونا على الفرد والأسرة. حيث تطرق المتدخلون إلى مجموعة من المحاور لتحليل الانعكاسات النفسية والاجتماعية والتواصلية التي أبرزتها هذه الجائحة.
أوضح عبد اللطيف كيداي وهو عميد كلية التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط وباحث في علم الاجتماع مدى ترتبات الجائحة في بعدها السوسيولوجي على سيكولوجية الأفراد داخل المجتمع مشيرا إلى تحديات تداخُل أدوار الأفراد داخل الأسر في ظل انغلاق الفضاء الخارجي الذي لم يعد مساحة تُستغل كمتنفس للضغوطات اليومية، وهنا أصبح البيت الحيز الوحيد الذي تكب فيه أنشطة جميع الأفراد مما يضاعف جهودهم في تقبل واقع الجائحة من جانب وكذا الاستمرار في نشاطاتهم اليومية من عمل ودراسة عن بعد وتربية ودعم إلى غير ذلك من جانب آخر.
وأضاف من جانبه أستاذ القانون والخبير في حماية الطفولة عبد الله العلوي على أن هذه الضغوطات في الفضاء الداخلي للأسرة قد يولد نوعا من النمو غير المتكافئ للطفل من الناحية النفسية أخذا بعين الاعتبار الثقافة السائدة بين الأفراد ورصيدهم المعرفي وتوظيفه من أجل إنتاج تواصل يغطي حاجيات الطفل داخل الأسرة وفي عالمه الخارجي مما أدى فعلا إلى تضارب الأدوار وصعوبة انتقاء الأولويات الأسرية في حياتهم اليومية.
كما تناولت جهاد بنموسى وهي أخصائية في علم النفس لفئة الأطفال الراشدين والشباب في مداخلتها أن شباب الجيل الجديد يتسمون بذكاء عاطفي أكثر عرضة من الأجيال السابقة لخطر الاكتئاب الحاد والقلق والتوتر بسبب الضغوط التي يواجهونها بشكل يومي من أساليب حياة مختلفة واستعمال دائم لوسائل التكنولوجيا الحديثة والتواصل الاجتماعي، حيث أصبحت هذه الأخيرة فضاء مركزيا أكثر من أداة. إذ تخلق هذه المتغيرات تفاوتات في تعزيز المناعة النفسية وتسيير العلاقات الاجتماعية وتدبيرها في حالات الأزمات وتبرز سلوكيات قد لا يتم استيعابها بشكل طبيعي لاسيما أن هذه الفئة (الشباب) تُعرف بكثرة النشاط والدينامية والحركة.
ثم بيّن الأستاذ والأخصائي في علم النفس الإكلينيكي المصطفى الرزرازي مدى خطورة اقتران الأزمة الصحية المتعلقة بفيروس كورونا بإجراء الحجر الصحي كوسيلة لكبح السلوكيات العادية للأفراد خاصة في الفضاء الخارجي حيث تضاعف الهلع وكثرت المخاوف ما ينعكس سلبا على العلاقات الأسرية خاصة الفئات التي تعاني من مختلف الأوضاع الصعبة كالمدمنين والمرضى والمعنفين إلى غير ذلك، ما يستوجب إعادة النظر في دعامات إقرار مجتمع مؤمن بقيم التماسك والتضامن وكذا الصمود تنخفض فيه مظاهر العنف والهشاشة خاصة في فترة الأزمات الشيء الذي دعا إليه كل من المتدخلين بالإضافة إلى استمرارية المواكبة النفسية والإرشاد المدرسي النفسي لأن التوقعات الطبية تشير إلى أن المجتمعات ستعرف في السنوات المقبلة أزمات وجوائح ولو بدرجات مختلفة ما يفرض على كل الفاعلين توفير سبل التكيف والصمود بين الأفراد.