تحديات إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب
تشـكل خدمـات التقاعـد مكونـا رئيسـيا فـي نظـام الحمايـة الاجتماعية. فهي تجسـد حقا إنسـانيا أساسـيا كرسـه الإعلان العالمـي لحقـوق الإنسان والعهـد الدولـي الخـاص بالحقـوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة وترتكـز هـذه الخدمـات علـى مبـدأ الضـرورة، وهـو المبـدأ الـذي ذكـر بـه سـنة 2001 قـرار المؤتمـر الدولـي للعمـل لمنظمـة العمـل الدوليـة عندمـا أكـد أن جميـع المجتمعـات اليـوم تواجـه إشكالا مفـاده أنـه لا يمكـن لأحـد أن يوفـر احتياجاتـه طيلـة مراحـل حياتـه عـن طريـق عملـه الشـخصي. فالمـرض والعجـز والبطالـة وتعليـم الأبناء والشـيخوخة كلهـا أمثلـة لفتـرات تتقلـص فيهـا القـدرة علـى الكسـب، لذلـك ينبغـي علـى كل المجتمعـات إرسـاء نظـام لمسـاعدة الأشخاص الذيـن يُحرمـون مـن القـدرة علـى الكسـب.
في المغرب، يتألـف مجـال التغطيـة الخاصـة بالتقاعـد مـن كتلـة مـن الأنظمـة الإجبارية الأساسـية ومجموعـة متفرقـة مــن الأنظمــة الإضافية والتكميليــة. ما هي الفئات الجديدة التي سيشملها الإصلاح الجديد؟ كيف سيتم استهدافهم؟ تصل الآن تكلفة تعميم الحماية الاجتماعية مبلغ 51 مليار درهم سنويا، تقوم أساسا على مساهمة الأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة. في هذا الغلاف يخصص مبلغ 16 مليار درهم لتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد. هل هذا الغلاف كاف لتوسيع المنخرطين من الاستفادة من المعاشات؟
إضافة إلى ذلك، يشمل نظام التقاعد سوى نسبة محدودة من الساكنة النشيطة حوالي 40%، كما يتسم بوجـود تفاوتـات بخصـوص ضمانـات ديمومـة مختلـف أنظمـة التقاعـد. هل المشروع الجديد للحماية الاجتماعية كفيل بأن يحقق مبدأ الإنصاف ويضع حدا للاختلالات التي يواجهها هذا القطاع؟
يواصـل المعامـل الديمغرافـي كذلك تراجعـه خاصـة علـى مسـتوى أنظمـة القطـاع العـام إذ أن ارتفــاع عــدد المتقاعديــن وتراجــع نمــو عــدد المسـاهمين فـي أنظمـة التقاعـد، يـؤدي منطقيا إلـى تحمـل الأجيـال المقبلـة ارتفـاع العـبء المالـي لأنظمــة التقاعــد، وهــو الأمــر الــذي ســيؤدي إمــا إلــى تمديــد فتــرات المســاهمة وبالتالــي رفــع الســن القانونـي للإحالـة علـى التقاعـد، وإمـا إلـى الزيـادة فـي نسـبة الاشـتراكات، وإمـا إلـى انخفـاض معـاش التقاعـد. ما الذي يمكن استدراكه لتفادي هذا السيناريو خلال الورش الجديد للحماية الاجتماعية في شق المعاشات؟
تتوقـع هيئـة مراقبـة التأمينـات والاحتيـاط الاجتماعي أن يُسـجل الصنـدوق الوطني للضمـان الاجتماعي عجـزا تقنيـا ابتـداء مـن سـنة 2018 وعجـزا إجماليـا فـي سـنة 2027 فيما يتعلق بفـرع التعويضـات طويلـة المـدى وسـتَنْفذ احتياطياتـه سـنة 2044. كيف يمكن أن يضمـن هـذا الصنـدوق توازنـا ماليـا علـى المـدى البعيـد؟
رغـم المقاربـة المنهجيـة التـي وضعهـا الصنـدوق الوطنـي للضمـان الاجتماعـي مـن أجـل تحسـين فعاليـة مســاطر مراقبــة التصريــح بالأجــراء والتــي مكنــت مــن رفــع نســبة تغطيــة أجــراء القطــاع الخــاص، فـإن عـدداً مهمـا مـن النشـيطين لا يزالـون غيـر مصـرح بهـم لـدى الصنـدوق أو مصـرح بهـم بشـكل ناقـص. كيف يمكن حث الشركاء الاجتماعيين على مساهمة في رفع نسبة تغطية الأجراء لضمان معاشاتهم؟ ما هي آليات الحكامة وتدابير الدعم والمواكبة لتفعيل هذا الورش بشكل يضمن نجاحه خلال الخمس سنوات الأولى من إقراره؟
30 دقيقة: تحديات إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب
المسيّرة: إيمان لهريش، مسؤولة عن البرامج بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد
المتدخل: عبد الرحيم أوليدي، خبير في المعاشات التقاعدية وإدارة المخاطر
Keep me informed